تعد مرحلة الطفولة من أهم المراحل العمرية للإنسان ، إذ تعد نقطة فاصلة فى حياة الإنسان ، حيث يتوقف على مدى استقامتها أو انحرافها ، استقامة أو انحراف الإنسان فى شبابه وشيخوخته .
لذلك ، حرصت الشريعة الإسلامية على إحاطة الطفل بالحقوق التى تكفل نشأته فى بيئة مهيئـة ومناسبة لنشأة طيبة وسليمة تنبئ بمستقبل أفضل للمجتمع بأسره .
والطفولة عند الإنسان هى المرحلة الأولى من مراحل العمر .. حيث تبدأ منذ ميلاد الإنسان وتنتهى ببلوغه سن الرشد ، حيث يكمل نمو عقل الإنسان وقوام جسمه ويكتمل تميزه ويصبح مخاطباً بالتكاليف الشرعية ، وذلك كما فى قوله تعالى : " ثم نخرجكم طفلاً ، ثم لتبلغوا أشدكم " .
فواجب الوالدين – ولاسيما الأم – فى هذه المرحلة من أكبر الواجبات الملقاة على عاتقهما ، إذ لابد وأن يهتما بطفلهما فى جميع جوانبه ، حيث إن توجيه الوالدين فى هذه المرحلة له أثره العظيم فى حسن تقويم الطفل وصقـل مواهبه واستعداده ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وعى الأب والأم ، وكفالة مجموعة من الحقوق ، حرص الشارع على كفالتها للطفـل .
** الحقوق الشرعية للطفل :
يتمتع الطفل ، وفقاً لأحكام الشريعة الاسلامية ، بمجموعة من الحقوق منها ما يثبت للطفل قبل ميلاده وما يثبت له بعد ميلاده .
** حقوق الطفل قبل ميلاده :
تبدأ حقوق الطفل قبل قيام الرابطة الزوجية ، إذ من حق الطفل أن يأتى إلى الحياة عن طريق الزواج الشرعى بين رجل وأمرأة . لذلك ، نجد أن رحلة الطفل فى الإسلام تبدأ من قبل وجوده ، تبدأ منذ لحظة البحث عن شريك الحياة . نوضح ذلك ، في ما يلى :-
* حق اختيار الزوجة والزوج
? حسن اختيار كل من الزوجين لصاحبه ، يعتبر حقاً من حقوق الطفل التى أمر بها الإسلام . وتتمثل أسس الاختيار الحسن ، في ما يلى :
• أن تختـار المـرأة الرجـل ذا الخلــق والـدين ، عمـلاً بقـوله (صلـى الله عليه وسلم) : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير " - رواه الترمذى، وأيضاً للرجل أن يختـار المرأة الصالحة ذات الدين ، كما فى قوله ( صلى الله عليه وسلم) : " فأظفر بذات الدين تربت يداك " وأيضاً اختيار المرأة الصالحة، كما فـى قـوله (صلـى الله عليه وسلم) " الدنيا متـاع وخـير متاعهـا المـرأة الصالحـة " ( رواه مسلم ) .
• اختيـار المـرأة الـودود الـولود، كما فى قوله (صلى الله عليه وسلم) : "تزوجوا الودود الولود ، فأنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " ( رواه أحمد).
• ولو تأملنا هذه التوجيهات الإسلامية لأدركنا كيف أن الإسلام اهتم بتربية الطفل قبل ميلاده ، لما له من أثر فى تكوين البيت الذى يسوده الحب والوفاء لإنجاب الذرية القوية ، ولأدركنا أن الإسلام سبق النظريات التربوية فى عصرنا الحاضر والتى تنادى بضرورة البدء فى تربية الطفل منذ ولادته .
* الحق فى الحياة ( واجب رعاية الأم للجنين ) :
? يعد الحق فى الحياة من أهم حقوق الإنسان بوجه عام . ولقد أشرنا فيما سبق إلى أن حقوق الطفل لا تنفصل عن المنظومة الكلية لحقوق الانسان : فالحق فى الحياة ما هو إلا حق بديهى ، لذلك جرمت القوانين كلاً من جرائم القتل والاجهاض، وأى صور إجرامية يكون من شأنها المساس بحياة الإنسان، فهذا الحق يثبت للإنسان منذ بدء تكوينه أى وهو جنين ، فلا يعتدى عليه بالاجهاض أو بأى وجه من وجوه الإساءه التى تحدث التشوهات الخلقية أو العاهات
? وينبثق عن هذا الحق ، حق الجنين فى الحماية والرعاية فى رحم أمه ، ويتضح ذلك من الآتى:-
• أباح الإسلام للمرأة الحامل الفطر فى رمضان ، فقد روى عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة ، وعن الحامل أو المرضع الصوم – أو الصيام – والله لقد قالها النبى كليهما أو أحدهما " (رواه الترمذى) .. وكذلك على الأم أن تتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والعناصر الغذائية اللازمة لتكوين الجنين وحمايته، واكتمال نموه .
• أيضاً نلاحظ من شدة حرص الشارع على سلامة الجنين وحياته ، أن قرر تأجيل إقامة الحد على المرأة الحامل حتى تضع حملها . فلقد أجمع فقهاء المسلمين على عدم جواز القصاص من الحامل قبل وضعها ، سواء كانت حاملاً وقت الجناية أو حملت بعدها ، وسواء كان القصاص فى النفس أو فى طرف من أطرافها ، كل ذلك صيانة ووقاية لهذا المخلوق الضعيف الذى يقطن أحشاءها .
• كما أن على الأم واجب الحفاظ على جنينها من كل المؤثرات التى تلحق ضرراً به أو بأمه ، كالمسكرات والمخدرات ، باعتبار أن هذه الأمور محرمة أصلاً فى الشرع .
* حقوق الطفل بعد الميلاد :
تبرز حقوق الطفل بعد أن يولد حياً وتكثر فى ذات الوقت ، إذ أن لكل طفل بعد الولادة حقوقاً مادية ومعنوية على حد سواء . ولقد حرصت الشريعة الإسلامية على كفالة هذه الحقوق من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . وتتمثل هذه الحقوق ، في ما يلى :
أولاً :- الحقوق المعنوية للطفل
تتمثل الحقوق المعنوية الشرعية للطفل فى مجموعة من الحقوق من شأنها أن ينشأ الطفل بنفسية سوية بعيدة عن المتاعب النفسية ، وهى :-
1 - تسمية المولود باسم حسن
قررت الشريعة الإسلامية أن من بين حقوق الطفل على والديه أن يحسنا اختيار اسمه الذى يُنادى به ويميز به عن اشقائه وأقرانه . ولقد أوجب الإسلام أن يحمل الاسم صفة حسنة أو معنى محموداً ، ويبعث الراحـة والطمـأنينة فـى القـلب . ولقـد جـاء تـوجيـه الـرسول ( صلـى الله عليه وسلم ) على ذلك فى قوله : "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم " .
وهذا دليل واضح على ضرورة أن يحسن الوالدان اختيار اسم طفلهـما . ولعل الحكمة من ذلك تتمثل فى الحفاظ على نفسية وكرامة الطفل .
وعلى النقيض من ذلك ، فالأسماء القبيحة تثير فى نفس صاحبها عدم الرضا عن النفس ، وتدفعه إلى الانطواء على نفسه والانعزال عن الآخرين . ونظراً لأن الاسم يلحق بالإنسان حتى وفاته ويلحق أيضاً بأولاده ، أجازت الشريعة للفرد الحق فى تغيير اسمه إن كان الاسم يحمل معنى سيئاً . وقد ثبت عن رسول الله أنه غير اسم عاصية بنت عمر ، فعن ابن عمر : أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها رسول الله جميلة ( رواه مسلم ) .
2- حق الطفل فى الغذاء " الرضاعة " :
معلوم أن عملية الرضاعة هى عملية جسمية ونفسية لها أثرها البعيد فى التكوين الجسدى والانفعالى والاجتماعى فى حياة الإنسان وليد ثم طفلاً .
ولقد أدركت الشريعة الإسلامية ما لعملية الرضاعة من أهمية للطفل حيث يكون بمأمن من الأمراض الجسمية والجدب النفسى التى يتعرض لها الطفل الذى يتغذى بلبن صناعى .
وقد أثبتت الدراسات العلمية أهمية الرضاعة من لبن الأم وما يحمله هذا اللبن من عناصر غذائية ، وأجسام مضادة ومواد مفيدة وما تشبعه الرضاعة الطبيعية للطفل من الحب والحنان والاطمئنـان والراحة النفسية ، وتجنب العقد النفسية .
لذلك ، فرض المولى عز وجل على الأم أن ترضع طفلها حولين كاملين ، وجعله حقاً من حقوق الطفل وكلفت الشريعة الأب بالانفاق على الأم كل بحسب وسعه ، كما فى قوله تعالـى : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ، لمن أراد أن يتم الرضاعة ، وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " (سورة البقرة الأية 233).
وبناءً على ذلك ، يتضح أن كلاً من الأب والأم يؤدى واجبه ضمن الإطار الذى رسمته الشريعة السمحة، للمحافظة على مصلحة الرضيع ، على أن يتم ذلك فى حدود طاقة وامكانية كل منهما ، مصـدقاً لقوله تعالى:" لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" .
3- حق الطفل فى الحضانة :
أوجبت الشريعة للطفل رعايته والمحافظة على حياته وصحته وتربيته وتثقيفه وذلك كله على الأبوين ، وهذا ما يعرف بمرحلة الحضانة . ولكى يكتمل نمو هذه النبته الغضة ، فقد جعل الاسلام للأم الحق فى حضانة طفلها فى حالة وقوع الخلافات الزوجيـة حتى سن السابعة من العمر ، التى يكون الطفل قد اجتاز فيها المرحلتين ، مرحلة المهد ومرحلة الطفولة المبكرة ، إذ تعتبر هاتان المرحلتان من أهم المراحل فى حياة الطفل، حيث يقرر بعدها بقاءه مع أمه أو أبيه ويترك له حرية الاختيار بينهما ، فهذا منتهى العدل والرحمة الإلهية التى تضع الأمور فى نصابها .
ولعـل الحكمة من جعل الحضانة للأم خلال السبع سنوات الأولى من حياة الطفل ، تتمثل فى أن الطفل فى هذه الفترة يكون أكثر احتياجاً لأمه عن أبيه . ولذلك ، حرصت الشريعة الإسلامية على جعل الحضانة للأم ، ثم بعد ذلك يترك الاختيار للطفل ، ليقرر مصيره بنفسه بعد أن يكون تجاوز سن التمييز .
4- حق الطفل فى التربية :
مـن الحقـوق التى ميزت الشريعة الإسلامية بها الأطفال حقهم فى التربية . وتقع مسئولية تربية الطفل على الوالدين ، نظراً لأن نجاح الطفل فى المستقبل يتوقف على تربيته تربية سليمة . ويستدل على هذا الحق فى التربية على وصايا ووعظ سيدنا لقمان الحكيم عليه السلام ، كما فى قوله تعالى : " وإذ قال لقمان لإبنه وهو يعظه ، يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " ( سورة لقمان ، الآية 13 ) . " يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ، ولا تصعر خدك للناس ولا تمشى فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ، واقصد فى مشيك ، واغضض من صوتك ، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " ( سورة لقمان ، من الآية رقم 17 الى الآية رقم 19 ) ، وأيضاً يظهر ذلك فى قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يعلم غلاماً صغيراً آداب الطعام ، قوله: " يا غلام سمى الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك " كما أن الاعلان الاسلامى لحقوق الإنسان قد نص فى مادته التاسعة عشرة على أنه : " للأب تربية أولاده بدنياً وخلقياً ودينياً وفقاً لعقيدته وشريعته .. لكل طفل على أبويه حق إحسان تربيته وتعليمـه وتأديبه " .
والتربية الواجبة هى التربية بمختلف صورها ، أى التربية الجسمية والتربية العقلية والتربية الروحية .
ومن الجدير بالذكر ، أن الحق فى التربية ينتقل إلى الدولة فى حالة فقدان من يقوم بها من أرحامه . ويتولى المربون والمعلمون هذه المسئولية . بالتعاون مع أولياء الأمور والدولة ، نظراً لأن الدولة فى الإسلام هى ولية من لا ولى له .
وبذلك تكون الشريعة الإسلامية قد أولت الطفل اليتيم عناية خاصة وحرصت على رعايته ، وذلك كما فى قوله تعالى : " ويسألونك عن اليتامى ، قل إصلاح لهم خير " (سورة البقرة ، الآية 220 ) .
ثانياً : الحقوق المادية للطفل :
حرصت الشريعة الإسلامية على أن تكفل للطفل مجموعة من الحقوق المادية التى تحمـى متطلباته المالية ، إلى أن يبلغ سن الرشد ، ويكون أهلاً للتصرف فى أمواله . ومن هذه الحقوق، ما يلى :
1- الحق فى النفقة :
فبدايةً ، أوجبت الشريعة علي الأب أن ينفق علي الطعام والكسوة والسكن وأجرة الرضاعة والحضانة ومصاريف التعليم ، وغير ذلك من النفقات التى يحتاج إليها الطفل إلى أن يبلغ سناً يسمح له بالكسب والعيش من عمله ، ويستدل على ذلك من أحاديث كثيرة رويت عن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، ومنها قوله : " أفضل دينار يفقه الرجل ، دينار ينفقه علـى عياله " (رواه مسلم ) . وقوله عليه السلام: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول " ( رواه أبو داود والحاكم وأحمد).
وقد جعلت الشريعة الإسلامية النفقة للطفل واجبة على الدولة ـ أي ولي الامرـ فى حالة عدم وجود عائـل لـه من أصلابه . وهكذا ، حمت الشريعة الأطفال من الفقر والحاجة في جميع الأحوال .
2 – الحق فى الميراث :
كفلـت الشريعة للطفل الحق فى الميراث . شأنه فى ذلك شأن الشخص البالغ الراشد ، وذلك وفقاً للأحكام الشرعية الخاصة بتقسيم التركة . وقد جاء النص علي ذلك صريحاً في الآيات القرآنية الكريمة ، ومنها قول المولى عز وجل : "يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " (سورة النساء ( الآية11
لذلك ، حرصت الشريعة الإسلامية على إحاطة الطفل بالحقوق التى تكفل نشأته فى بيئة مهيئـة ومناسبة لنشأة طيبة وسليمة تنبئ بمستقبل أفضل للمجتمع بأسره .
والطفولة عند الإنسان هى المرحلة الأولى من مراحل العمر .. حيث تبدأ منذ ميلاد الإنسان وتنتهى ببلوغه سن الرشد ، حيث يكمل نمو عقل الإنسان وقوام جسمه ويكتمل تميزه ويصبح مخاطباً بالتكاليف الشرعية ، وذلك كما فى قوله تعالى : " ثم نخرجكم طفلاً ، ثم لتبلغوا أشدكم " .
فواجب الوالدين – ولاسيما الأم – فى هذه المرحلة من أكبر الواجبات الملقاة على عاتقهما ، إذ لابد وأن يهتما بطفلهما فى جميع جوانبه ، حيث إن توجيه الوالدين فى هذه المرحلة له أثره العظيم فى حسن تقويم الطفل وصقـل مواهبه واستعداده ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وعى الأب والأم ، وكفالة مجموعة من الحقوق ، حرص الشارع على كفالتها للطفـل .
** الحقوق الشرعية للطفل :
يتمتع الطفل ، وفقاً لأحكام الشريعة الاسلامية ، بمجموعة من الحقوق منها ما يثبت للطفل قبل ميلاده وما يثبت له بعد ميلاده .
** حقوق الطفل قبل ميلاده :
تبدأ حقوق الطفل قبل قيام الرابطة الزوجية ، إذ من حق الطفل أن يأتى إلى الحياة عن طريق الزواج الشرعى بين رجل وأمرأة . لذلك ، نجد أن رحلة الطفل فى الإسلام تبدأ من قبل وجوده ، تبدأ منذ لحظة البحث عن شريك الحياة . نوضح ذلك ، في ما يلى :-
* حق اختيار الزوجة والزوج
? حسن اختيار كل من الزوجين لصاحبه ، يعتبر حقاً من حقوق الطفل التى أمر بها الإسلام . وتتمثل أسس الاختيار الحسن ، في ما يلى :
• أن تختـار المـرأة الرجـل ذا الخلــق والـدين ، عمـلاً بقـوله (صلـى الله عليه وسلم) : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير " - رواه الترمذى، وأيضاً للرجل أن يختـار المرأة الصالحة ذات الدين ، كما فى قوله ( صلى الله عليه وسلم) : " فأظفر بذات الدين تربت يداك " وأيضاً اختيار المرأة الصالحة، كما فـى قـوله (صلـى الله عليه وسلم) " الدنيا متـاع وخـير متاعهـا المـرأة الصالحـة " ( رواه مسلم ) .
• اختيـار المـرأة الـودود الـولود، كما فى قوله (صلى الله عليه وسلم) : "تزوجوا الودود الولود ، فأنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " ( رواه أحمد).
• ولو تأملنا هذه التوجيهات الإسلامية لأدركنا كيف أن الإسلام اهتم بتربية الطفل قبل ميلاده ، لما له من أثر فى تكوين البيت الذى يسوده الحب والوفاء لإنجاب الذرية القوية ، ولأدركنا أن الإسلام سبق النظريات التربوية فى عصرنا الحاضر والتى تنادى بضرورة البدء فى تربية الطفل منذ ولادته .
* الحق فى الحياة ( واجب رعاية الأم للجنين ) :
? يعد الحق فى الحياة من أهم حقوق الإنسان بوجه عام . ولقد أشرنا فيما سبق إلى أن حقوق الطفل لا تنفصل عن المنظومة الكلية لحقوق الانسان : فالحق فى الحياة ما هو إلا حق بديهى ، لذلك جرمت القوانين كلاً من جرائم القتل والاجهاض، وأى صور إجرامية يكون من شأنها المساس بحياة الإنسان، فهذا الحق يثبت للإنسان منذ بدء تكوينه أى وهو جنين ، فلا يعتدى عليه بالاجهاض أو بأى وجه من وجوه الإساءه التى تحدث التشوهات الخلقية أو العاهات
? وينبثق عن هذا الحق ، حق الجنين فى الحماية والرعاية فى رحم أمه ، ويتضح ذلك من الآتى:-
• أباح الإسلام للمرأة الحامل الفطر فى رمضان ، فقد روى عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة ، وعن الحامل أو المرضع الصوم – أو الصيام – والله لقد قالها النبى كليهما أو أحدهما " (رواه الترمذى) .. وكذلك على الأم أن تتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والعناصر الغذائية اللازمة لتكوين الجنين وحمايته، واكتمال نموه .
• أيضاً نلاحظ من شدة حرص الشارع على سلامة الجنين وحياته ، أن قرر تأجيل إقامة الحد على المرأة الحامل حتى تضع حملها . فلقد أجمع فقهاء المسلمين على عدم جواز القصاص من الحامل قبل وضعها ، سواء كانت حاملاً وقت الجناية أو حملت بعدها ، وسواء كان القصاص فى النفس أو فى طرف من أطرافها ، كل ذلك صيانة ووقاية لهذا المخلوق الضعيف الذى يقطن أحشاءها .
• كما أن على الأم واجب الحفاظ على جنينها من كل المؤثرات التى تلحق ضرراً به أو بأمه ، كالمسكرات والمخدرات ، باعتبار أن هذه الأمور محرمة أصلاً فى الشرع .
* حقوق الطفل بعد الميلاد :
تبرز حقوق الطفل بعد أن يولد حياً وتكثر فى ذات الوقت ، إذ أن لكل طفل بعد الولادة حقوقاً مادية ومعنوية على حد سواء . ولقد حرصت الشريعة الإسلامية على كفالة هذه الحقوق من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . وتتمثل هذه الحقوق ، في ما يلى :
أولاً :- الحقوق المعنوية للطفل
تتمثل الحقوق المعنوية الشرعية للطفل فى مجموعة من الحقوق من شأنها أن ينشأ الطفل بنفسية سوية بعيدة عن المتاعب النفسية ، وهى :-
1 - تسمية المولود باسم حسن
قررت الشريعة الإسلامية أن من بين حقوق الطفل على والديه أن يحسنا اختيار اسمه الذى يُنادى به ويميز به عن اشقائه وأقرانه . ولقد أوجب الإسلام أن يحمل الاسم صفة حسنة أو معنى محموداً ، ويبعث الراحـة والطمـأنينة فـى القـلب . ولقـد جـاء تـوجيـه الـرسول ( صلـى الله عليه وسلم ) على ذلك فى قوله : "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم " .
وهذا دليل واضح على ضرورة أن يحسن الوالدان اختيار اسم طفلهـما . ولعل الحكمة من ذلك تتمثل فى الحفاظ على نفسية وكرامة الطفل .
وعلى النقيض من ذلك ، فالأسماء القبيحة تثير فى نفس صاحبها عدم الرضا عن النفس ، وتدفعه إلى الانطواء على نفسه والانعزال عن الآخرين . ونظراً لأن الاسم يلحق بالإنسان حتى وفاته ويلحق أيضاً بأولاده ، أجازت الشريعة للفرد الحق فى تغيير اسمه إن كان الاسم يحمل معنى سيئاً . وقد ثبت عن رسول الله أنه غير اسم عاصية بنت عمر ، فعن ابن عمر : أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها رسول الله جميلة ( رواه مسلم ) .
2- حق الطفل فى الغذاء " الرضاعة " :
معلوم أن عملية الرضاعة هى عملية جسمية ونفسية لها أثرها البعيد فى التكوين الجسدى والانفعالى والاجتماعى فى حياة الإنسان وليد ثم طفلاً .
ولقد أدركت الشريعة الإسلامية ما لعملية الرضاعة من أهمية للطفل حيث يكون بمأمن من الأمراض الجسمية والجدب النفسى التى يتعرض لها الطفل الذى يتغذى بلبن صناعى .
وقد أثبتت الدراسات العلمية أهمية الرضاعة من لبن الأم وما يحمله هذا اللبن من عناصر غذائية ، وأجسام مضادة ومواد مفيدة وما تشبعه الرضاعة الطبيعية للطفل من الحب والحنان والاطمئنـان والراحة النفسية ، وتجنب العقد النفسية .
لذلك ، فرض المولى عز وجل على الأم أن ترضع طفلها حولين كاملين ، وجعله حقاً من حقوق الطفل وكلفت الشريعة الأب بالانفاق على الأم كل بحسب وسعه ، كما فى قوله تعالـى : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ، لمن أراد أن يتم الرضاعة ، وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " (سورة البقرة الأية 233).
وبناءً على ذلك ، يتضح أن كلاً من الأب والأم يؤدى واجبه ضمن الإطار الذى رسمته الشريعة السمحة، للمحافظة على مصلحة الرضيع ، على أن يتم ذلك فى حدود طاقة وامكانية كل منهما ، مصـدقاً لقوله تعالى:" لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" .
3- حق الطفل فى الحضانة :
أوجبت الشريعة للطفل رعايته والمحافظة على حياته وصحته وتربيته وتثقيفه وذلك كله على الأبوين ، وهذا ما يعرف بمرحلة الحضانة . ولكى يكتمل نمو هذه النبته الغضة ، فقد جعل الاسلام للأم الحق فى حضانة طفلها فى حالة وقوع الخلافات الزوجيـة حتى سن السابعة من العمر ، التى يكون الطفل قد اجتاز فيها المرحلتين ، مرحلة المهد ومرحلة الطفولة المبكرة ، إذ تعتبر هاتان المرحلتان من أهم المراحل فى حياة الطفل، حيث يقرر بعدها بقاءه مع أمه أو أبيه ويترك له حرية الاختيار بينهما ، فهذا منتهى العدل والرحمة الإلهية التى تضع الأمور فى نصابها .
ولعـل الحكمة من جعل الحضانة للأم خلال السبع سنوات الأولى من حياة الطفل ، تتمثل فى أن الطفل فى هذه الفترة يكون أكثر احتياجاً لأمه عن أبيه . ولذلك ، حرصت الشريعة الإسلامية على جعل الحضانة للأم ، ثم بعد ذلك يترك الاختيار للطفل ، ليقرر مصيره بنفسه بعد أن يكون تجاوز سن التمييز .
4- حق الطفل فى التربية :
مـن الحقـوق التى ميزت الشريعة الإسلامية بها الأطفال حقهم فى التربية . وتقع مسئولية تربية الطفل على الوالدين ، نظراً لأن نجاح الطفل فى المستقبل يتوقف على تربيته تربية سليمة . ويستدل على هذا الحق فى التربية على وصايا ووعظ سيدنا لقمان الحكيم عليه السلام ، كما فى قوله تعالى : " وإذ قال لقمان لإبنه وهو يعظه ، يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " ( سورة لقمان ، الآية 13 ) . " يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ، ولا تصعر خدك للناس ولا تمشى فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ، واقصد فى مشيك ، واغضض من صوتك ، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " ( سورة لقمان ، من الآية رقم 17 الى الآية رقم 19 ) ، وأيضاً يظهر ذلك فى قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يعلم غلاماً صغيراً آداب الطعام ، قوله: " يا غلام سمى الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك " كما أن الاعلان الاسلامى لحقوق الإنسان قد نص فى مادته التاسعة عشرة على أنه : " للأب تربية أولاده بدنياً وخلقياً ودينياً وفقاً لعقيدته وشريعته .. لكل طفل على أبويه حق إحسان تربيته وتعليمـه وتأديبه " .
والتربية الواجبة هى التربية بمختلف صورها ، أى التربية الجسمية والتربية العقلية والتربية الروحية .
ومن الجدير بالذكر ، أن الحق فى التربية ينتقل إلى الدولة فى حالة فقدان من يقوم بها من أرحامه . ويتولى المربون والمعلمون هذه المسئولية . بالتعاون مع أولياء الأمور والدولة ، نظراً لأن الدولة فى الإسلام هى ولية من لا ولى له .
وبذلك تكون الشريعة الإسلامية قد أولت الطفل اليتيم عناية خاصة وحرصت على رعايته ، وذلك كما فى قوله تعالى : " ويسألونك عن اليتامى ، قل إصلاح لهم خير " (سورة البقرة ، الآية 220 ) .
ثانياً : الحقوق المادية للطفل :
حرصت الشريعة الإسلامية على أن تكفل للطفل مجموعة من الحقوق المادية التى تحمـى متطلباته المالية ، إلى أن يبلغ سن الرشد ، ويكون أهلاً للتصرف فى أمواله . ومن هذه الحقوق، ما يلى :
1- الحق فى النفقة :
فبدايةً ، أوجبت الشريعة علي الأب أن ينفق علي الطعام والكسوة والسكن وأجرة الرضاعة والحضانة ومصاريف التعليم ، وغير ذلك من النفقات التى يحتاج إليها الطفل إلى أن يبلغ سناً يسمح له بالكسب والعيش من عمله ، ويستدل على ذلك من أحاديث كثيرة رويت عن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ، ومنها قوله : " أفضل دينار يفقه الرجل ، دينار ينفقه علـى عياله " (رواه مسلم ) . وقوله عليه السلام: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول " ( رواه أبو داود والحاكم وأحمد).
وقد جعلت الشريعة الإسلامية النفقة للطفل واجبة على الدولة ـ أي ولي الامرـ فى حالة عدم وجود عائـل لـه من أصلابه . وهكذا ، حمت الشريعة الأطفال من الفقر والحاجة في جميع الأحوال .
2 – الحق فى الميراث :
كفلـت الشريعة للطفل الحق فى الميراث . شأنه فى ذلك شأن الشخص البالغ الراشد ، وذلك وفقاً للأحكام الشرعية الخاصة بتقسيم التركة . وقد جاء النص علي ذلك صريحاً في الآيات القرآنية الكريمة ، ومنها قول المولى عز وجل : "يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " (سورة النساء ( الآية11
السبت فبراير 16, 2013 3:57 am من طرف أبو عزيز
» Computer Eng Studying Win Server n the Evening & Looking 4 a Job
الأربعاء مارس 07, 2012 11:04 pm من طرف ح
» منحة الرخصة الدولية للتدريب
السبت يناير 07, 2012 10:13 pm من طرف ح
» مجموعة كتب روعة لتعليم الكمبيوتر للمبتدئين
الجمعة نوفمبر 04, 2011 4:41 pm من طرف yasser
» معايير المشاركة المجتمعية
السبت يونيو 04, 2011 12:22 am من طرف عمر عاطف
» مسابقة أمير الشعر
الأحد مايو 08, 2011 12:24 am من طرف saly
» دعوة لحفل ختام النشطة المدرسية
الأحد أبريل 10, 2011 4:45 pm من طرف المدير العام / محمد رشدى
» تهنئة للسيد وكيل الوزارة
الثلاثاء مارس 22, 2011 10:24 pm من طرف المدير العام / محمد رشدى
» رؤية ورسالة رياض أطفال المدرسة
الجمعة مارس 11, 2011 10:29 am من طرف المدير العام / محمد رشدى